أستراليا تطعن فرنسا في الظهر و تصطف مع أمريكا في حربها على الصين

منظمة كو كلوكس كلان KKK أخطر جماعة عنصرية في تاريخ أمريكا

 


بعدما تطرقت في المقالات السابقة إلى منظمة الماسونية و جماعة النورانيين ( إليميناتي ) ضمن مقالات التاريخ الحقيقي للجماعات السرية ، جاء الدور اليوم على أشهر و أخطر جماعة عنصرية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، كو كلوكس كلان أو بالإنجليزية Ku Klux Klan و يرمز لها اختصارا KKK .

نشأت منظمة كو كلوكس كلان نتيجة للهزيمة التي لحقت بالولايات الجنوبية الكونفدرالية أمام الولايات الشمالية الإتحادية في الحرب الأهلية الأمريكية . في 24 ديسمبر 1865 أي بعد أشهر من نهاية الحرب قرر ستة من قدماء المحاربين في الجيش الكونفدرالي المنهزم تأسيس جمعية لرفض المساواة مع السود الأمريكيين ( العبيد المحررين ) . للتذكير فإن الحرب الأهلية اندلعت بين الولايات الشمالية التي قررت تحرير العبيد السود و إعطائهم حق المواطنة الكاملة ضد الولايات الجنوبية التي رفضت هذا القرار و رفضت تحريرهم .

إسم هذه المنظمة غريب للغاية مع بعض الغموض ، فـ ku klux من اليونانية kuklos و التي تعني " الحلقة " أو " الدائرة " ، أما klan يقصدون بها جماعة الأسكتلندين باعتبار أن المؤسسين لهذه الجماعة هم من أصول أسكتلندية .

لنشر الغموض و الرعب أكثر في صفوف المواطنين السود ، يغطي أفراد هذه الجماعة وجوههم و رؤوسهم بقطعة قماش غريبة مخروطية الشكل لا يظهر منها سوى عيونهم من أجل ترويع المواطنين السود الذين يلاقونهم . بدأت فكرة هذه الجماعة في التبلور بشكل أوضح فقرر مؤسسوها هيكلة منظمتهم بكشل أكثر جدية سنة 1867 ، في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي قرروا وضع قواعد و هيكلية للجماعة مستوحاة من أساطير الملك أرثر المنتشرة في بريطانيا .


قائد الجماعة كان يطلق عليه إسم " الساحر الأكبر " ، ناثان بيدفورد فورست الذي حارب ضمن الجيش الكونفدرالي الجنوبي و الذي كان سابقا رجل أعمال جمع ثروته من تجارة العبيد السود .

أعضاء منظمة كو كلوكس كلان يؤمنون بالإنتماء إلى " المملكة الخفية " و أن مهمتم هي الحفاظ على سيادة العرق الأبيض في ولايات الجنوب الأمريكي ، من أجل هذا هو يقومون باتسهداف الزنوج السود و كل من يتعاطف معهم من البيض حتى من المسؤولين في الشمال و يستعملون كل طرق الإهانة و التهديد و تحرشات و ابتزاز وصولا إلى الحرق و القتل و الإغتيالات .

بعد انتباه السلطات الأمريكية لنشاط هذه المنظمة العنصرية و أعمالها الإجرامية ، دفعوا الجنرال فورست إلى حلها سنة 1869 . أنذاك كانت السلطة السياسية و الإقتصادية و الإعلامية في ولايات الجنوب في يد البيض حصريا و الذين واصلوا سن قوانين مجحفة جدا في حق المواطنين السود ، الشيء الذي أدى إلى زوال مبررات منظمة عنصرية متطرفة كـ كو كلوكس كلان التي وجدت أن أفكارها رائجة و مطبقة في الواقع و لا تحتاج إلى النشر أكثر ، فكان هذا هو الإختفاء الأول لهذه المنظمة .


في سنة 1906 نشر توماس ديكسون و الذي كان عضوا في المنظمة كتاب جديدا و الذي تم تحويله إلى فيلم سنمائي سنة 1915 بعنوان " نشأة أمة " ، الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا وسط الجماهير و الذي حصل على إطراء الرئيس الأمريكي أنذاك وودرو ويلسون . نجح الفيلم في إعادة بعث جماعة كو كلوكس كلان ، و هنا يظهر مدى التأثيرالواسع للإعلام و السنيما على الحياة الواقعية للأفراد و الجماعات و الذي مازال مستمرا إلى اليوم .

المنظمة عادت إلى الحياة من جديد بديناميكية أكبر و قررت توسيع دائرة نشاطها لكي تستهدف هذه المرة ليس السود فقط بل المهاجرين و الكاثوليك و الأقليات العرقية في الولايات المتحدة ، الإشتراكيين و حتى اليهود و بعدها مثلي الجنس .

في سنة 1922 قرر قائد الجماعة و هو طبيب أسنان من ولاية تيكساس الجنوبية يدعى إيفانز تحويل المنظمة إلى مؤسسة حقيقية ، تجمع إشتراكات الأعضاء و توفر لهم التأمين و حتى بيع اللباس الرسمي للجماعة ، فحققوا بهذا نجاحا شعبيا كبيرا ، خصوصا في المدن الصغيرة و الأرياف الأمريكية المنغلقة على نفسها ، فارتفع عدد منسبي كو كلوكس كلان من 10 آلاف سنة 1920 إلى 5 ملايين سنة 1925 و هذا رقم رهيب للغاية .

تحولت نشاطات هذه الجماعة إلى فلكلور أسبوعي يرتدي فيه الأعضاء ملابسهم الغريبة و يحرقون الصلبان و يقيمون حفلات الشواء ، فأصبحت بهذا أخوية من العنصريين الذين يتواصلون فيما بينهم برموز و إشارات يفهمونها وحدهم ، فمثلا إذا أراد أحدهم أن يجد رفيقا من الجماعة في مقهى أو ملهى في الجنوب ، يقول بطرح هذا السؤال على الحاضرين : هل يعرف أحدكم هنا السيد آياك ؟ ، آياك أو AYAK هي اختصار لجملة are you a klansman ، أي هل أنت عضو من جماعة كو كلوكس .

يجب أن تعلم أنه في عشرينات القرن الماضي توجد قرى في الجنوب الأمريكي كان سكانها البيض جميعا ينتمون لجماعة كو كلوكس كلان أو متعاطفين معها و مع أفكارها العنصرية ، و لكم أن تتخيلوا حجم الخوف و الرعب الذي كان يعيشه المواطنون السود ، ففي حال عنف أو جريمة في حق السود لم يكن يتم فتح أي تحقيق لأنه ببساطة حتى رجال الشرطة المحليون ينتمون لهذه الجماعة العنصرية .

أعضاء المنظمة الذين كانوا بالملايين لهم تأثير كبير جدا في الحياة العامة بالولايات الجنوبية لأمريكا ، حيث ساهمت الجماعة في انتخاب الكثير من حكام الولايات و السناتورات ، التأثير الذي بدأ يتلاشى بعد قيام الكثير من الولايات بإصدار قوانين تمنع ارتداء الأقنعة الذي يرتديها أفراد كو كلوس كلان و كذا إلزامهم بإعطاء لائحة بأسماء جميع المنتمين لها و نشرهم للعلن .

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تلاشت كليا هذه الجماعة لكن أفكارها العنصرية ظلت راسخة في عقول الكثير من الأمريكيين ، فتأسست جماعات عنصرية صغيرة تقوم بأعمال تخريبية محدودة ضد السود و ضد الكنائس الكاثوليكية و الأقليات الدينية و العرقية و المهاجرين حتى يومنا هذا .


مدونة الكيميائي