أستراليا تطعن فرنسا في الظهر و تصطف مع أمريكا في حربها على الصين

الحشاشون .. فرسان قلعة ألموت الذين نشروا الرعب في العالم الإسلامي

 


ضمن سلسلة التاريخ الحقيقي للجماعات السرية ، بعد التطرق للماسونيين و النورانيين و جماعة كو كلوكس كلان ، وصلنا اليوم للطائفة الشرقية الوحيدة في السلسلة و هم الحشاشون .

لا يمكننا الغوض في أصل نشأة جماعة الحشاشين دون الحديث عن صراع المذاهب الإسلامية عبر التاريخ ، لأن هذه الطائفة خرجت للوجود بسبب الصراع السنّي الشيعي على النفوذ و السلطة في منطقة الشام و العراق و بلاد فارس .

مؤسس جماعة الحشاشين هو حسن الصباح و الذي كان من رواد المذهب الإسماعيلي في بلاد فارس ( إيران حاليا ) إنطلاقا من مدينة أصفهان سنة 1081 بعدما درس على يد الفاطميين في القاهرة منتصف القرن الحادي عشر ميلادي و غادرها بسبب خلافات سياسية ، عاد إلى إيران لنشر دعوته و حشد الأنصار لكنه تعرض للمضايقة من طرف السلاجقة أتباع المذهب السنّي الذين أعلنوا حرب مفتوحة على الإسماعليين الباطنيين .

دخل حسن الصباح و جماعته قلعة ألموت سنة 1090م و سيطر عليها بخطة عسكرية محكمة ، قلعة ألموت و التي تقع اليوم على بعد 100 كيلومتر شمال غرب العاصمة الإيرانية طهران ، قلعة حصينة للغاية وسط منحدرات صعبة لا يعرف تاريخ بناؤها بالتحديد لكنها تنسب لأحد ملوك الديلم القدماء و المسمى ألوه أموت .

قلعة ألموت تعني بالفارسية " وكر العقاب " تقع على ارتفاع 2100 متر عن سطح البحر في منطقة جبلية صعبة التضاريس ، بيئة ساعدت على صد كل المحاولات السلجوقية لدخولها و النيل من الحشاشين الإسماعليين الذين يحتمون بها . تحتوي 23 مبنى تضم مكتبات و حدائق و مطلة على واد صالح للزراعة .

رسم توضيحي لقلعة ألموت معقل الحشاشين ( القلعة سقطت على يد التتار المغول و تم تدميرها كليا )

من قلعة ألموت بدأ الحشاشون في نشر عقيدتهم الإسماعيلية النزارية و سيطروا على الكثير من القلاع الحصينة على قمم الجبال في بلاد فارس و الشام و انفصلوا بعدها عن الفاطميين لتزدهر دولتهم بين القرنين الـ 11 و الـ 13 ميلادي الموافق لما بين القرنين الخامس و السابع هجري ، لم ينجح أي من أعدائهم في إسقاطهم بدءً بالسلاجقة السنيّين الذي سيطروا بإحكام على باقي مناطق الشرق الأوسط وصولا للإفرنج و الصليبيين الذي كانوا وراء وصول صيت هذه الطائفة إلى أوروبا و الغرب و سببا في شهرتها و شعبيتها اليوم .

الحشاشوش : أول الفدائيين الإنتحاريين في التاريخ و أسياد الإغتيالات السياسية 

بدل المواجهة العسكرية المواجهة و الحروب المباشر اختار الحشاشون مبدأ الإغتيال الإنتقائي لبث الرعب في نفوس أعدائهم ، اختيارهم لهذه الطريقة كان بسبب عددهم القليل و استحالة مجابهة القوى الكبرى التي يتبادلون معها العداء .
كان الحشاشوش يقومون بعمليات أشبه بالعمليات الإنتحارية اليوم ، يجيدون الفروسية و اللغات و التنكر ، يتميزون بالحيلة و الفطنة . أغلب عمليات الإغتيال التي نفذوها كانت في أماكن عامة غالبا أمام المساجد في أوقات الذروة لكي ينشروا أكبر قدر من الرعب في نفوس الأعداء ، عملياتهم الفدائية كانت تنتهي غالبا بموت الحشاش لكن هذا لا يهم مادام الهدف قد تم تحقيقه و رأس المستهدف قد سقط .

نجح الحشاشون في اختراق قصور و جيوش أعدائهم ، حتى أن الروايات تحكي أن صلاح الدين الأيوبي بنفسه قد تم اختراقه من طرف أقرب مقربيه و هما خادميين من المماليك الذين كانا لا يفارقانه . 

أول محاولة لاغتيال صلاح الدين الأيوبي من طرف الحشاشين كانت سنة 1174 م و هو يحاصر حلب ، اخترقوا جيشه و قتلوا أحد الأمراء فاشتعلت الفوضى و نجا صلاح الدين . المحاولة الثانية كانت في 1776 اخترقوا من جديد جيشه و هم متنكرين في ملابسهم و قتلوا العديد من الأمراء لكن صلاح الدين نجى من جديد لكنه تعرض لإصابات عديدة .



في سنة 1192 نجح الحشاشون في القيام بأعظم إنجاز في تاريخيهم عبر اغتيال ملك القدس الصليبي كونراد دو مونتفيراتو Conrad de Montferrat ، حيث تنكرت مجموعة من الحشاشين في لباس رهبان مسحيين و قتلوه في مدينة صور اللبنانية و هو في خلوة الأسقف .
بعد أربعة أشهر من هذا الإغتيال عقد الحشاشون هدنة مع صلاح الدين الأيوبي ما يعزز احتمالية تعاونه معهم في التخطيط لاغتيال ملك بيت المقدس الصليبي .

إبان فترة حكم المماليك بزعامة الظاهر بيبرس حاول الحشاشون التقرب منه و الصلح لكنه لم يكن يحتمل وجود سلطة خارجة عنه في المناطق التي يحكمها الحشاشون في بلاد الشام ، فنجح بيبرس في فرض الجزية عليهم بل وصل إلى حد تعيين حكامهم في الشام و يمكن القول أنهم تهالكوا هناك سنة 1273 .

في الشرق ، كانت نهاية الحشاشين مثل أغلب نهايات الإمارات الإسلامية في المنطقة أنذاك على يد التتار المغول بقيادة هولاكو في بلاد فارس سنة 1256 الذين هدموا قلعة ألموت و خربوها ، ما بقي من جدران القلعة تحطم في زلزال سنة 2004 الذي ضرب المنطقة .





مدونة الكيميائي